هل تهدد القرصنة الإلكترونية والنشر المجانى للكتب على شبكة الإنترنت الثقافة؟.. كتاب "الامتطاء مجانا.. كيف يدمر الإنترنت الأنشطة الثقافية، وكيف تندحر الثقافة أمام هذا الهجوم؟" لروبرت ليفاين يتناول هذه الإشكالية، فيما يتطرق الكتاب الجديد لما يسمى "بعبادة الإنترنت" وقضايا متعددة، مثل علاقة الشبكة المعلوماتية الإلكترونية بتدمير القدرة الخلاقة والإمكانية الإبداعية.
موضوعات مقترحة
ومؤلف الكتاب الذى- يعمل بالصحافة، وشغل منصب رئيس التحرير التنفيذى لمجلة "بيلبورد"- مهموم بتأثير الانترنت على الثقافة، ويدافع عن وجهة نظره بالأرقام والإحصاءات ليثير بذلك المزيد من الجدل حول قضية مطروحة فى العديد من الدوائر والأوساط الثقافية الغربية.
ويذهب روبرت ليفاين- فى كتابه الجديد- إلى أن شبكة الإنترنت باغتت صناعة الثقافة، وأخذتها على غرة، معتبرا أن الشركات التى تعمل فى مجال الشبكة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات قد استغلت سطوتها، فضلا عن حالة الارتباك لدى العاملين فى صناعة الثقافة، لتمرير قوانين مواتية لهذه الشركات، غير أنها لا تصب- من وجهة نظره- فى صالح صناعة الثقافة.
ويرى ليفاين أن شعار "الثقافة المجانية على شبكة الإنترنت" مقولة حق يراد بها باطل، موضحا أن حقوق الملكية الفكرية تنتهك بقسوة وغلظة تحت هذا الشعار. وفى حين يخسر المبدعون الكثير تربح الشركات وأصحاب المواقع الالكترونية الكثير" وهى تعرض أعمال هؤلاء المبدعين مجانا، وتحقق أعلى نسب الارتياد لهذه المواقع لتكون الأكثر شعبية وقدرة على جذب الإعلانات.
ويتحدث مؤلف الكتاب بمرارة عن انعكاسات الإنترنت على الصحف والمجلات الورقية، معتبرا أن النصائح التى يسديها أساطين الشبكة الإلكترونية لصناعة الصحف- بالتركيز على النشر الإلكترونى- أشبه "بالذئب الذى يدعى أنه يحمى قطيعا من الخراف". كما ينتقد الصحف التى تطلب النصح من أساطين الإنترنت لتجاوز أزماتها معتبرا "أنها كمن يعطى القط مفتاح الكرار"!
وإذا كان البعض يتخوف من أن يؤدى هذا الاستسهال فى استخدام الانترنت والتويتر والفيس بوك- من جانب المنتمين للنخبة الثقافية- إلى ما يسميه الناقد إيفيجنى موروزوف، فى صحيفة الجارديان، بـ"عبادة الانترنت"، فإن روبرت ليفاين لا يخفى خوفه البالغ مما يصفه بـ"احتكار محرك جوجل البحثى الشهير للمعرفة".
كان اندرو كين قد تناول هذه الإشكالية فى كتابه الصادر عام 2007 بعنوان "طائفة الهواه.. كيف يقتل الانترنت اليوم ثقافتنا وينال من اقتصادنا؟". غير أنه- فى المقابل- اعتبر أن هذا الكتاب جنح نحو كثير من المبالغات وقليل من الحقائق.
أما روبرت ليفاين فيقترح فى كتابه العديد من القوانين والتشريعات لمكافحة ظاهرة القرصنة الالكترونية، وحماية حقوق الملكية الفكرية، محملا شركات الانترنت الكثير من الآثام والشرور، فيما لم يستثن مستهلكى المواد الالكترونية المقرصنة من المسئولية، داعيا لمعاقبتهم أيضا حتى يحجموا عن "الامتطاء مجانا".
وعودا على بدء، يخلص الناقد إيفيجنى موروزوف- فى سياق تناوله للكتاب الجديد لروبرت ليفاين- إلى أن المطلوب هو التكيف مع معطيات ثورة الانترنت، وتعظيم الاستفادة من إيجابيات هذه الثورة التى لن يكون بمقدور أحد أن يتحداها، أو يعيد عقارب الساعة للوراء مهما فعل.
ومثلما استند الكتاب لأرقام وإحصاءات، يرد إيفيجنى موروزوف بالطريقة ذاتها، موضحا أن الأرقام- فى عام 2011- تؤكد زيادة مبيعات الكتب بنسبة تبلغ 4 فى المائة بفضل الكتب الإلكترونية، كما أن صناعة النشر حققت زيادة فى أرباحها بنسبة 6 فى المائة للسبب ذاته.