خطت قضية السدود التي تسببت في توتير العلاقات بين مصر وإثيوبيا على مدى العامين الماضيين خطوة مهمة، تُنبئ بإمكانية أن تشهد انفراجة كبيرة، خاصة بعد الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي إلى القاهرة، والتي جاءت علي خلفية تهنئتها بالثورة، وفتح صفحة جديدة بالعلاقات.
وشهدت العاصمة الإثيوبية مؤخرا عقد أول اجتماع لوزراء المياه بالدول الثلاثة، وفقا للاقتراح الذي كان قد قدمه رئيس وزراء أثيوبيا ميليس زيناوي خلال زيارته القاهرة في يوليو الماضي،وهي الزيارة التي دشنت لمرحلة جديدة في العلاقات بعد الثورة، وعكست تصريحات زيناوي وتعهداته ارتياحًا كبيرا بالأوساط المصرية.
وقد تمخض اجتماع اللجنة الثلاثية الوزارية "الأول" عن اتفاق علي تشكيل فريق من الخبراء يضم 10 شخصيات بواقع اثنين من كل دولة و4 خبراء أجانب أو بيوت خبرة في مجال السدود، والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وتقوم الدول الثلاثة باختيارهم كما تتكلف نفقات هذه الدراسات بالتساوي بينها.
وفي هذا الصدد قال السفير مجدي عامر مساعد وزير الخارجية المصري لشئون مياه النيل والمنسق العام لدول الحوض ، والذي شارك بالاجتماع في تصريحات خاصة عقب عودته من اديس ابابا أنه من المقرر أن تنتهي اللجنة من مهمتها، التي ستبدأ في غضون أيام قليلة في فترة زمنية لا تتجاوز 9 أشهر، علي أن تضع تقريرها النهائي وترفعه إلى رؤساء الحكومات بالدول الثلاثة قبل نهاية العام القادم 2012.
ولفت إلي أن اللجنة لن تقتصر علي عضوين فقط من كل دولة،وإنما ستضم فريق عمل مساند لهؤلاء الخبراء من الدول الثلاثة ، يختص بكل ما يتعلق بقضية السدود.
وأشار عامر إلى أن اجتماع اللجنة يعد خطوة أولي مهمة بعد تشكيلها وبدء مهمتها، حيث أنها بدأت الدخول في عمق القضية بدراسة الموضوع من كافة جوانبه الفنية، عبر الوثائق التي سيتم الاحتكام إليها، ومن ثم تنحية الجانب السياسي لهذا الموضوع تماما.
وأكد مساعد وزير الخارجية المصري أن تقرير لجنة الخبراء سيطبق المعايير الدولية للسدود،كما سيحدد فوائد سد النهضة وعيوبه،بل انه سيذهب لأبعد من ذلك باصدار ما يراه من توصيات لعلاج أية عيوب تراها اللجنة، مشيرا الي أن اللجنة سترفع تقريرها الي حكومات الدول الثلاثة فور انتهائها من مهمتها لتتخذ هذه الحكومات ما تراه من قرار في شأن هذه القضية، ومن ثم لن يكون القرار إثيوبي " منفرد".
وأشار إلي أن الدول الثلاثة ستبحث الموقف من هذا التقرير وكيفية تعاملها معه، سواء تم ذلك عبر اجتماع لرؤساء حكوماتها أو وزراء الخارجية أو وزراء المياه ..
وشدد علي أن كل ما تم من مناقشات لا يعدو أن يكون خطوة تمهيدية لبدء اللجنة في عملها،والمقرر أن يتم في غضون أسبوعين من اجتماع أديس أبابا الي انعقد نهاية شهر نوفمبر، أي خلال النصف الأول من الشهر الجاري.
ولفت إلي أن جميع الاجتماعات القادم للجنة الخبراء من المرجح أن تعقد في أديس أبابا لتكون قريبة من موقع السد "محل الدراسة"، ومن ثم توفير جميع الوثائق التي تحتاج إليها اللجنة من الجانب الإثيوبي بالطبع.
وشدد السفير مجدي عامر التأكيد علي أن مهمة اللجنة باتت فنية بحتة، بما يعني تنحية أية جوانب أو اعتبارات سياسية كانت سائدة من قبل في العلاقات ، ومن ثم كانت تلقي بظلالها علي هذه القضية، لافتا الي أن هذا هو ما كانت تسعي اليه مصر وتصر عليه مرارًا بضرورة تنحية موضوع المياه عن أي أجواء سياسية وحصر مناقشتها في إطارها الفني.
وكشف عن أن الاتحاد الأوربي ودولا أخري مثل النرويج رأت عبر دراسات أعدتها حول سدود تقوم بتنفيذها في أثيوبيا أن من شأن سد النهضة أن يؤثر بالسلب عليها، ومن ثم يضر ببقية هذه السدود، ومن ثم فان السد بوضعه الراهن ليس هو الأمثل بتصميمه الحالي .
ونوه إلي أنه من مميزات الاجتماع الذي جري في أديس أبابا أنه وضع جدولا زمنيا للانتهاء من كافة الدراسات الخاصة بالسد في غضون تسعة أشهر من تشكيل اللجنة وفترة لا تتجاوز العام "11- 12 شهرا" لتقديم التقرير النهائي، بما يعني قبل نهاية العام القادم 2012 وهي فترة زمنية اعتبرها مقبولة للغاية، هذا في حالة التزام الأطراف الثلاثة بما تم الاتفاق عليه.
من جانب آخر كشف السفير عامر عن اتفاق جري بين الجانبين المصري والإثيوبي خلال مباحثات ثنائية سبقت الاجتماع الثلاثي لتوفير مصر لمطالب إثيوبيا لدعم خطط التنمية بها خاصة في مجال الموارد المائية، والتي تشمل تدريب كوادرها واستقبال من يرغبون بالحصول علي دراسات عليا، وهو الأمر الذي أكد أنه يعكس حسن النية ومدي استعداد مصر لتقديم كل أشكال الدعم لإثيوبيا.