مريم ناعوم وعمرو سمير عاطف صاحبا المراكز الأولى بدراما رمضان.. وهالة الزغندي تدخل قائمة المنافسة


5-7-2015 | 18:54


سارة نعمة الله

يرى كثير من النقاد أن السيناريست مريم ناعوم، والكاتب عمرو سمير عاطف رابحان أساسيان في رمضان 2015، فرغم تعدد الوجوه في الكتابة التي حاول كل منها إضفاء بصمته عليها، يقف الكاتبان في الصفوف الأولى التي تلازمهما مع رمضان من كل عام.

للعام الثالث تحلق مريم ناعوم بكتابتها الناعمة شديدة التعمق في قضايا المجتمع، ترسم لشخصياتها ملامح وتفاصيل شديدة الجاذبية بمقومات تقترب فيها من الواقع الذي تجدها تقرأه جيداً بطبقاته ومستوياته الاجتماعية المختلفة، بدأتها ناعوم بالحديث عن الطبقة المتوسطة التي تكافح من أجل مستقبل أفضل لعائلتها وأولادها كما في نموذج "ذات" الذي قدمته قبل عامين، ثم غاصت في قاع المجتمع لتقدم حكايات نسائية تشعر معها بوجع وقسوة الكادحين والمعدومين فيها كما في مسلسل "سجن النسا" الذي قدم في العام الماضي.

تحضر ناعوم هذا العام، لتلقي النظر على طبقة جديدة من المجتمع "الهاي لايف" ضمن مسلسها "تحت السيطرة" مازجة بها بعض نماذج الفئات المتوسطة الحال لكنهم جميعاً يقعون تحت نفس الطائلة "الإدمان"، وربما كان هذا العنوان غير جاذب للمتابعة قبل عرض العمل نظراً لمناقشة القضية في كثير من الأعمال.

لكنها استطاعت بنظرتها التي تقترب فيها من المشاعر الإنسانية والعاطفية، أن تجعل من كل شخصية في شخوصها حدوتة لا تقف عند حد أزمة "الإدمان" بل تطرقت منها إلى مشاكل أكثر عمقاً كالزوجة التي لا تشعر بالأمان مع زوجها، ويحرمها هذا من الإنجاب لسنوات طويلة منه، فكلما انصرف عن التعاطي عاد إليه مجدداً، كذلك بطلة العمل "مريم" التي لم تنحصر مشكلتها في إدمانها لكن ألقت على الجانب الخفي من العلاقات بين الأزواج من حيث الصدق الذي لابد أن تتسم به العلاقة التي تجمع بين الزوجين، كما يشير إلى الخطأ الذي يقع فيه بعض الأزواج من ضيق الأفق في التفاعل مع المشاكل التي تواجههم وعدم إعطاء فرصة للبدء من جديد.

وليس هذا فقط بل إن قضية الإدمان قد تلوح لتفاصيل أخرى في حياة البشر عن فكرة "التحدي" فكل منا يريد أن يضع نفسه في تحدى مع ذاته بالابتعاد عن عادات سلبية أثرت على حياته ودمرتها في بعض الأحيان لكن المغيرات تقوده في الأغلب إلى العودة لنفس المسار الشائك.

وبين رحلة البعد والعودة يقف الضمير في كتابات مريم ناعوم، الذي يحرك المشاعر في الشخصيات التي ترصدها بالعمل فينتج منها اعترافات بالأخطاء بحالة تتشابه مع واقعنا الذي يشعر من يشاهده أنه أكثر قرباً منه لا يدخل في أفق عمل درامي وإنما حقيقة واقعية نعايشها جميعاً.

أما عمرو سمير عاطف ففي كل عام يثبت أنه الأحرف في مجال كتابة الدراما التليفزيونية صاحبة الغموض والإثارة، والتي بدأها منذ أربعة أعوام بمسلسل "رقم مجهول" ونجح فيها في جذب قطاع جماهيري ضخم لمتابعته، يعود هذا العام بواحد من أقوى وأكثر الأعمال الدرامية المثيرة للجذب والانتباه "بعد البداية".

نجاح عمرو بل ذكاؤه الذي جعله يتألق ويتربع على ساحة المراكز الأولى من الدراما كونه لا يبحث عن النجم بطل العمل بل يكتب من أجل الامتاع ثم يأتي الفنان في مرحلة تالية لكتابته، فعندما بدأ بسلسلة الغموض في كتاباته بمسلسل "رقم مجهول" لم يبحث عن نجم الأكشن "الفلاني" أو البطل "العلاني"، ومن خلال قصصه التي يمزج فيها بين الواقع مع الأكشن وقليل من الخيال نجح في خلق أنماط درامية جديدة كانت حافزاً للكثيرين ليخوضوا تجارب مشابهة.

وهذا العام لم يخش عاطف أن يكون النجم طارق لطفي الذي لم يخض مغامرة الأكشن كاملة في تفاصيلها من قبل بطلاً لحكايته، فقد استطاع من خلال مسلسله أن يقدم دراما كلما توقفت في مشهد فيها تؤمن أن هناك الكثير من الحكايات ستأتيك في المشهد التالي.

ينسج عاطف في مسلسله كثيرا من قصص الفساد المجتمعية، اختار الصحافة أطروحة جديدة لتناول هذه القضايا بها لكونها مهنة صاحبة عمق ويمكن أن تتكشف معها بعض الألغاز، لم ينس فيها عاطف بعض المشاعر والذكريات التي تخطر ببال أبطاله لتضفي ملامح أكثر جذباً ونعومة، مجسداً فيها شخوص متعددة جعل منها تداخلا في الأفكار يحمل تشويقاً وإنسيابية مثل الناشط السياسي، والضابط الفاسد وكذلك رجال الأعمال وغيرها.

وتلحق الكاتبة هالة الزغندي في قطار المنافسة مع ناعوم وعاطف، بقصة مثيرة للتساؤلات والألغاز كما في مسلسل "الكابوس"، ذهبت الكاتبة بخيالها لنسج حدوتة مشوقة لأم تجد رأس ابنها مقطوعة في مقلب الزبالة وتبدأ رحلة البحث عن قاتله، وذهبت لواقع أهالى منشية ناصر ترصد معاناتهم.

ونسجت الزغندي هي الأخرى وراء كل شخصية تقدمها خيوطا تتكشف من حلقة إلى أخرى، بل إنها تخدع المشاهد فحينما يتعاطف مع إحدى الشخصيات يجد نفسه حائراً أمامها وعلى رأسها شخصية "مشيرة" المثيرة التي تبدو خارجياً أنها الأم شديدة التعاطف والمحبة لابنها المقتول "فارس" كما يظهر بالأحداث لكن مع استرجاع شريط الذكريات نفاجأ باضطراب العلاقات بينهما، وربما تفاجئنا الكاتبة الموهوبة مع نهاية الأحداث بتوقع لا يخطر في رأس أحد في قضية قتل "فارس"، فمن المحتمل أن يكون كل ما عاشته "مشيرة" أو غادة عبد الرازق مجرد "كابوس" رأت به شريط حياتها الذي حمل عدلا ومظالم.

أو أن تكون هي ذاتها قاتلة ابنها، وسواء في الحالة الأولى أو الثانية يكون ذكاء الكاتبة في جعل المشاهد يخلق ألغازاً كثيرة مثل هذا وذاك في رأسه، ويرفع القبعة للسلاسة والتشويق اللتين وضعتهما الزغندي في كتابتها من حيث إن كابوساً يظهر في نهاية الأحداث عاشه المشاهد بتفاصيله المؤلمة مع بطلته.