استعادة الدور الإقليمي وملف سد النهضة ومواجهة تقسيم ليبيا وإعمار غزة.. أبرز محطات "الخارجية" 2014


31-12-2014 | 22:25


محمد الشوادفي

واجهت وزارة الخارجية في عام 2014 تحديات عدة على المستويين الإقليمي والدولي يأتي على رأسها الدفاع عن حق الشعب المصري في اختيار من يحكمه، ومواجهة التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة وما تشهده من انتشار ظاهرة الإرهاب ومخاطر التقسيم والتفتيت التي تواجهها بعض الدول العربية بخاصة التطورات في ليبيا وسوريا واليمن.

وحرصت الدبلوماسية المصرية خلال هذا العام على التفاعل مع الملفات المهمة وثيقة الصلة بالأمن القومي المصري مثل ملف سد النهضة والأمن المائي، فضلاً عن التحرك المباشر في القضايا التي تهدد أمن واستقرار الدول العربية، والعمل على استعادة الدور المصري في أفريقيا، وإعادة التوازن للسياسة الخارجية المصرية من خلال الانفتاح على جميع القوى العالمية.

ولعل أهم التحديات التي واجهتها الدبلوماسية المصرية خلال 2014 تتمثل في استعادة مصر لدورها الإقليمي في المنطقة، سواء في محيطها الإفريقي أو المتوسطي وتنشيط دورها دولياً، والتعامل مع القضايا العاجلة المرتبطة بالأمن القومي المصري مثل الأزمة السورية، الأوضاع في كل من ليبيا والعراق، إضافة إلى الأزمة الأخيرة في غزة، وفقا لما أعلنته الخارجية في تقريرها الختامي عن حصاد 2014.

على الصعيد العربي، تحركت الخارجية بشكل مكثف للعمل على التوصل لحل سلمي لعدد من الملفات العربية وفي مقدمتها الأوضاع في ليبيا، في ضوء عدة اعتبارات، تبدأ بكون ليبيا دولة جوار مباشر وعاملاً مهماً وحيوياً بالنسبة للأمن القومي المصري، إضافة إلى تواجد عدد كبير من العمالة المصرية في ليبيا.

وسعت الدبلوماسية المصرية نحو استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، والعمل علي حفظ وحدة الأراضي الليبية مع الحرص عدم التدخل الخارجي في الشأن الليبي، وحل الخلافات بين الفرقاء بالحوار الوطني الشامل لكل من ينبذ العنف، فضلاً عن تقديم الدعم للدولة الليبية ومؤسساتها الشرعية في المحافل والمؤتمرات الدولية.

وشاركت مصر في مؤتمر "روما" لمجموعة أصدقاء ليبيا في مارس 2014، ومؤتمرات "تونس" و"الجزائر" لمجموعة دول جوار ليبيا في مايو ويوليو 2014 علي التوالي، ومؤتمر "مدريد" لوضع خطط تأمين الاستقرار والتنمية في ليبيا في سبتمبر 2014.

واستضافت مصر الاجتماع الوزاري الرابع لآلية دول الجوار في 25 أغسطس 2014، وهو الاجتماع الذي تبنت فيه الدول الأعضاء مبادرة للتحرك في اتجاه حل الأزمة الليبية، وتمثل المبادرة خريطة طريق لإنهاء الأزمة الليبية حيث تقوم على مبادئ ثلاث وهي: احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لليبيا والحفاظ على استقلالها السياسي، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف.

ونصت المبادرة التي دعت إليها مصر ودول الجوار الليبي على 11 بندا لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد لتحقيق الوفاق الوطني والمصالحة وتنازل جميع الميليشيات عن السلاح وفق نهج متدرج المراحل ومتزامن مع التأكيد على التزام الأطراف الخارجية بالامتناع عن توريد وتزويد الأطراف غير الشرعية بالسلاح بجميع أنواعه.

كما نصت المبادرة على دعم دور المؤسسات الشرعية للدولة وعلى رأسها مجلس النواب، وتأهيل مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والشرطة من خلال برنامج محدد لبناء السلام.وشملت المبادرة أيضا تقديم المساعدة للحكومة الليبية في جهودها لتأمين وضبط الحدود، وتوفير آلية تضمن تدابير عقابية متدرجة يتم اللجوء إليها في حال عدم امتثال الجماعات والأفراد.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية باعتبارها أحد أهم الملفات المرتبطة بالأمن القومي المصري، ساهمت الخارجية بشكل رئيسي في جهود التوصل إلى اتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لوقف إطلاق النار خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة التي بدأت في يوليو الماضي، والتي استمرت لمدة 51 يوماً، وكذلك في رعاية المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عقب التوصل للاتفاق.

ولعبت الوزارة دوراً رئيسيا في استضافة مؤتمر إعادة إعمار غزة في القاهرة يوم 12 أكتوبر 2014، والذي افتتحه الرئيس السيسي ونظيره الفلسطيني أبو مازن، بمشاركة أكثر من (90) دولة ومنظمة دولية، وبلغت حجم المساهمات التي تم الإعلان عنها حوالي 5.4 مليار دولار أمريكي، كذلك تم وضع أسس عملية إعادة الإعمار التي ترتكز بشكل جوهري على استمرار وقف إطلاق النار وتمكين الحكومة الفلسطينية من استعادة كافة صلاحياتها في قطاع غزة.

كما واصلت الخارجية دورها في التصدي للمساعي الإسرائيلية لتهويد القدس وتغيير الوضع القائم على الأرض، خاصة مخططات التقسيم الزمني والمكاني للمسجد الأقصى.

ونظرا لكون العلاقات مع السودان إستراتيجية وتمس الأمن القومى المصرى سعت وزارة الخارجية خلال العام الماضي إلى الاستمرار في تطوير التعاون والعلاقات الثنائية مع الخرطوم من خلال التركيز على محاور عدة، أهمها التأكيد على الدور المصري بشكل خاص والدور العربي بشكل عام فيما يخص القضايا السودانية، والمساهمة في الوساطة بين شمال وجنوب السودان، وعقد اجتماعات آلية التنسيق والتشاور السياسي وإتمام اجتماع اللجنة العليا على مستوى رئيسي البلدين في أقرب وقت ممكن، والتواصل مع جامعة الدول العربية فى جهودها الداعمة للسودان وتقديم المساعدات الإنسانية.

وفيما يتعلق بالملف السوري أدت السياسة التي انتهجتها الخارجية المصرية بعدم التدخل في الشأن السوري لصالح طرف أو آخر، والحفاظ علي سياسة "الصفحة البيضاء" التي تميز مصر في التعاطي مع الأزمة، إلى تأهيل مصر للعب دور فعال لإيجاد حل سياسي للأزمة ترتكز عناصره على أهمية الحل السياسى وعدم إمكانية حل الأزمة عسكرياً فى سوريا، مع ضرورة التوصل إلى نقطة توافق يرتضيها الشعب السورى لحل الأزمة سلمياً.

وفى إطار التحركات المصرية لحل الأزمة السورية استقبل وزير الخارجية في الأسبوع الأخير من ديسمبر الجاري، هادى البحره رئيس الإئتلاف الوطنى السورى المعارض والوفد المرافق، وتناولت المباحثات إمكانية عقد حوار سورى - سورى تستضيفه القاهره بين الأطراف السورية المعارضة للتوصل إلى وثيقة موحدة تعكس رؤيتهم للتوصل الى حل سياسي.

وتأتي الأزمة في العراق في مقدمة الملفات التي تتناولها وزارة الخارجية ، حيث قام وزير الخارجية بزيارة لبغداد في يوليو 2014 وهي أول زيارة على هذا المستوى إلى العراق منذ ثورة 25 يناير.

وهدفت الزيارة لمساعدة العراق على تجاوز الأزمة الأمنية والسياسية الناتجة عن تمدد داعش في بعض المناطق السنية، وما ترتب على ذلك من تعقيدات إضافية فيما يتصل بإيجاد توافق وطني حول من يشغل رئاسة الحكومة العراقية، وقد أوضحت التحركات المصرية أهمية أن يتم إشراك جميع القوى العراقية في العملية السياسية بغض النظر عن انتماءاتها السياسية واحتواء كل التيارات السياسية.

أمّا على الصعيد الثنائي الفني وتحديداً فيما يتعلق بملف "الرواتب التقاعدية" للمواطنين المصريين الذين سبق لهم العمل بالعراق، فقد حدث تقدم إيجابي في هذا الصدد إثر شروع الجانب العراقي في إجراءات تحويل مبلغ قدره نحو 1,6 مليون دولار إلى عدد من المستحقين.

وفي الـ 17 من ديسمبر الجاري، توجه وزير الخارجية سامح شكري إلى بغداد في زيارة التقى خلالها بممثلي عن مختلف القوى الوطنية العراقية بانتماءاتها الطائفية المختلفة من أكراد وسنة وشيعة، وبرئيس جمهورية العراق ورئيس الوزراء، ونائب رئيس الجمهورية، ووزير المالية، ووزير الخارجية، ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ونائب رئيس الوزراء.

وأكد وزير الخارجية خلال تلك اللقاءات دعم مصر الكامل لوحدة الأراضي العراقية، كما أعربت الخارجية عن استعداد مصر لتقديم المساعدة في إعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية المدنية والعسكرية.

وحول أزمة سد النهضة كثفت الخارجية من تحركاتها عقب صدور تقرير لجنة الخبراء الدولية المعنية بالآثار المحتملة لسد النهضة على دول المصب، وأدى لقاء الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في مالابو في يوليو 2014 إلى صدور بيان عن اللقاء يؤكد على احترام مصر لحق إثيوبيا فى التنمية واحترام إثيوبيا لحقوق مصر المائية وعدم الإضرار بتلك الحقوق،

وقد أثمرت تلك الانفراجة عن جولة المفاوضات في الخرطوم في أغسطس 2014.

كما تم تشكيل لجنة وطنية ثلاثية أثناء جولة الخرطوم للتفاوض حول السد على أن تكون مسئولة عن البيانات التي سيتم موافاة الاستشاري بها لإعداد الدراسات، ومدى كفايتها ودقتها، وتم وضع جدول زمني لاختيار المكتب الاستشاري وإنهاء الدراسات الخاصة بتأثير السد.

وانعقدت حتى الآن جولتين من المفاوضات في أديس أبابا (سبتمبر 2014) والقاهرة (أكتوبر 2014)، وقد أثمرتا عن وضع قائمة مختصرة للمكاتب الاستشارية التي اقترحتها الدول الثلاث.

وحرصت الدبلوماسية المصرية في تحركاتها فى ذات الوقت على تدعيم العلاقات مع الشعب الأثيوبي ودعم التنمية هناك حيث استقبلت القاهرة فى ديسمبر 2014 وفدا شعبيا إثيوبيا برئاسة رئيس البرلمان الأثيوبى تأكيدا على عمق العلاقات بين الشعبين.